أخر المقالات
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

السبت، 4 أكتوبر 2014

مقالة عن التحرش



تُرى لماذا انحدَرت الأمور بنا إلى حدٍّ كهذا؟!
هل تُرانا نقترب من نهاية الأيّام؟ أم أنّ طريقَنا صار مُظلماً لا يُشرق النّور فيه؟ إلى أين نسير أو إلى أين تسير الدُّنيا بنا، يا الله كم نحتاج لعَفوِك ورحمتك!!.
سنتحدّث اليوم عن ظاهرةٍ أساسُها مُصطَلح من المُصطَلحات أو المفاهيم التي أُدخِلت قسراً لحياتنا وواقعنا، وما كنّا نتمنّى أبداً أن يحدث أمرٌ كهذا..
ما هي هذه الظّاهرة؟ ولماذا تَحدُث؟ وكيف يُمكننا مواجهتَها والتغلّب عليها قبل أن تستفحل أكثر من ذلك؟ عن مثل هذه الأسئلة التي باتَ لِزاماً علينا أن نتعرّض لها بكل مُصارَحة ومُكاشَفة سنتحدّث بإسهاب، لأنّها صارت إحدى القضايا السّاخنة في هذه الأيّام ....
عن التّحرُّش الْجنسيّ، يدور حديثي معك اليوم عزيزي القارئ .....
•      ما هو التّحرُّش الْجنسيّ؟إن التّحرُّش هو فعلٌ إراديّ نابعٌ من احتياجٍ نفسيّ وبيولوجيّ للتّنفيس عن الرّغبة الْجنسيّة المَكبوتة لدى الفَرد. تلك الرّغبة التي تحتاج إلى إشباع، وفي ظلِّ الابتعاد عن القِيَم والمُثُل العُليا والضّوابط المعروفة التي تقف أمام التّجاوزات، يحدث أن يقومَ جنسٌ ما (غالباً ما يكون الذَّكَر) بسلوكٍ شائن يتعدّى به على الْجنسِ الآخَر،  بسلوكٍ مُباشرٍ أو غير مُباشر، قولاً أو فعلاً، تلميحاً أو تصريحاً. بطريقةٍ لا تليق وغالباً ما تخدُش الحَياء وتتنافى مع السُّلوكيّات البشريّة السَّويّة والمُنضبِطة.
•       التّحرُّش الْجنسيّ هل هو مرتبط بحالاتٍ فرديّة، أم صار يَرقى لمرتبةِ "الظّاهرة"؟!الحقيقة التي تزيد المُشكلة تعقيداً، هي حدوث ما يُسمّيه عُلماء الاجتماع ودارسي السلوك الإنساني، ب"الرّأي أو السلوك الْجماعي". فرُغم أنّ الأمر قد يبدأ عادةً بانحرافٍ فرديٍّ في السلوك، إلاّ أنّنا يُمكن بسهولة أن نجد الكثيرين يندفعون بسلوكِ القبيلة أو الغابة، يشتركون في صُنع أمرٍ ما خطأ، مدفوعين ومُحمَّلين بفردٍ واحدٍ قد يكون هو الذي قد أشعلَ الشّرارة الأولى، فيكون كأنّه هو الذي نزع فتيلَ الانفجار، أو كسرَ قيدَ الالتزام والانضباط عند الكثيرين الذين يسعون وراءه ويأتون بنفس هذه الأفعال، فيزداد الأمر خطورةً وعُمقاً، وتزداد المُشكلة تفاقُماً وتعقيداً!.
ولعلّ نظرة واحدة لإحصائيّات علميّة صادرة من مركز بحوث مُعترَف به حول مدى انتشار هذه الظّاهرة في واحدة من كُبرى المُجتمعات العربيّة، ربّما تقدر أن تُرينا مقدار المشكلة
تقول الإحصائيّة (نقلا عن هيئة الإذاعة البريطانيّة http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/press/newsid_7597000/7597254.stm) أنّ 85 في المئة من الإناث قُلنَ إنهنَّ تعرّضنَ للتّحرُّش الجنسي ، وقالت معظمهنَّ أنهنَّ واجَهنَ المُضايقات بشكلٍّ يوميّ ، في ذات الوقت الذي أَقرَّ فيه نحو ثُلثَي الرِّجال أنّهم يتحرَّشون بالفتيات!!. وأعتقد أننا نتّفق هنا أنّ هذه النّسبة إنّما تُنذِر بخطرٍ شديد، إن لم نقُم ـ كأفرادٍ ومُؤسّساتٍ خَدَميّة وحكوميّة ـ بالعمل على دراسة الموضوع واستقصائه بطريقة مُوسَّعة، بهدف الحدّ من انتشار هذا الأمر الخطير بمُجتمعاتنا العربيّة التي طالما أَشَدنا ونُشيد بها ـ عن حقّ ـ من جهة الأخلاقيّات الجّميلة والالتزام.
•       التّحرُّش الْجنسيّو ما هي الأسباب التي تؤدّي اليه ؟لعلّها كثيرة ومُتعدّدة، لذلك نذكر بعضها في نُقاطٍ مُحدّدة كما يلي:
*غياب الوازِع الدِّيني والارتباط الحقيقي بالدِّين كصمّام أمان يحفظ المَرء من الانزلاق في الفساد والخطر والانحراف.
* العنصر الاقتصاديّ وارتفاع تكاليف الحياة الباهظة، إنّما يلعب ـ هو الآخر ـ دوراً هامّاً ومُؤثِّراً في تأخُّر سنِّ الزّواج عند الشّباب ومن ثُمّ في تفاقُم المُشكلة.
*وسائل التّرفيه والاتّصال والإعلام على تنوُّعها(جرائد ومجلاّت، تلفزيون، راديو، إنترنت، ....)، كثيراً ما تُقدّم مواداً يُمكن وصفها إمّا بالمُثيرة للغرائز أو مُستفِزّة للكثيرين، ممّا يجعلهم ـ كردِّ فعل ـ ناقمين على المجتمع ، ومن ثُمّ لا يتورّعون عن استغلال أيّة فرصة تُتاح لهم في التّعبير عن غضبهم ونقمتهم على هذا المُجتمع بمثل هذه السّلوكيّات السّلبيّة، التي منها التّحرُّش الْجنسي بالفتيات. 
* الكَبْت الجِّنسي، قِلَّة أو انعدام التّربية والثّقافة الجِّنسيّة بالشّكل الصّحيح يلعبون دَورهم في تفاقُم المُشكلة.
*الفلسفة الذُّكوريّة المَوروثة من القِدَم، والتي تتعامل مع المرأة على أنّها أداة للمُتعة وسُخرة للرَّجُل يستغلّها لإشباع رغباته وغرائزه بالطّريقة والكيفيّة التي تُرضيه!!.
* تراجُع و انهيار السُلَّم القِيَمي عند الأفراد والمُجتمعات، تِبعاً لتغيُّر المجتمعات وتفكُّك الأُسَر وانشغال الآباء والأمّهات عن الدّور المَنوط بهم القيام به في التّربية!. ممّا أدّى إلى انتشار الكثير من الأعراض السُّلوكيّة السّلبيّة والمُنحرِفة.
* أيضا الثّقافة التي تعمل على إخفاء أمورٍ كهذه. أي ألاّ تُبلِّغ أيّة فتاة السُّلطات المسؤولة عن أيّ تحرُّش يحدث معها حتّى لا تسوء سُمعتها أو تُتَّهم أنّها هي السّبب في ذلك، بملابس أو سلوك يتّهمها وهي منه بريئة. أمرٌ كهذا يجعل الفتيات الّلاتي يتعرّضنَ للتّحرُّش يتقاعسنَ عَن إبلاغ السُّلطات عن ذلك، ممّا يُشجّع الشّباب على التّمادي في سلوكهم الخاطىء وهم مُطمئنّون ما دام لا رادع ولا عقاب لهم على مُمارسة مثل تلك المُخالَفات. ممّا يزيد الوضع تعقيداً!.
* وعلى نفس النّحو السّابق، فإنّ عدم قيام مؤسّسات الدُّول التّربويّة والإعلاميّة والدّينيّة بل والأمنيّة أيضاً، بالمسؤوليّة الكبيرة المُلقاة على عاتقها لأجل تنشئةِ وتوعيّةِ الجيل الصّاعِد بخطورة أمرٍ كهذا على الأفراد والمُجتمعات على حدٍّ سواء!، وتحذيرهم من عواقب مثل هذه الأمور والقَصاص فيها، إنّما يلعب هو الآخر دوراً مُؤثِّراً في انتشار مثل هذه الظّواهر السّلبيّة واستفحالها.
*ورُبّما لا نستطيع أن ننتهي من هذه النقطة دون أن نقول بموضوعيّة وحياد، إنّه في مرّات كثيرة بحقّ، يُمكن أن تكون الفتاة المُتحرَّش بها مسؤولة بطريقة مُباشرة أو غير مباشرة، عن عَمد أو سَهو، عن تعرُّضها لأمرٍ كهذا. سواء بسبب طريقة ارتدائها للملابس المُلفِتة للنَظَر أو المُثيرة وغير اللائقة، أو عن طريق وقفتها والطّريقة التي تُعبِّر بها عن نفسها، أو ......، ورُبّما لو هي حَرصت على أن تظهر بالمظهر اللائق شكلاً كما سلوكاً وتصرُّفاً، لما عَرَّضت نفسها لموقفٍ مُؤذٍ كهذا!!.
•       التّحرّش الجنسي و تأثيره على الشّخص الذي يقوم به؟الحقيقة أنّ الشّخص الذي يقوم بهذا الأمر المُشين وهو مسؤول عن تصرُّفاته (أقصد غير المريض أو المُختَلّ)، إنّما يدفع هو أوّلاً ثمن اقترافه مثل هذا العمل القبيح. فمن ناحية سيزيده أمراً كهذا انحرافاً وسلبيّةً وانغماساً أكثر في الخطيّة، لأنّه لن يستطيع إشباع شهوته. ومن ناحية أُخرى تصرُّفاته غير المسؤولة ستوقِعه إن عاجلاً أم آجلاً تحت طائلة العِقاب الأدبيّ والقانونيّ، نتيجةَ ارتكابه فِعل فاضح آثم يُعاقِب عليه القانون ويستنكره عامّة الأسوياء في كلّ زمان ومكان. ولو ضُبط هذا الإنسان أو تمَّ القبض عليه لَنال ما نالَ من اهانةٍ وذُلٍّ وعار، وللأسف يكون هو كالمستحقّ له نظيرَ فِعلِه الآثم.
•      كيف ينظر الله إلى هذا الشّخص؟يُعلِّمنا الكتاب المقدّس أنّ الله يكره الخطيّة، لكنّه يُحِبُّ مُرتكِبها!. نعم يُحبُّه ويغفر له إن هو تابَ ورجع عن طريقه الخاطئ وطلب من اللهالغُفران. فحتّى إن استمرّت نظرة المجتمع لهذا الشّخص سلبيّة تجاه هذا الخطأ المُشين الذي ارتكبه، فالفرصة دوماً مفتوحة بكلِّ أملٍ ورجاء لمن يُقبِل إلى الله، وهو مُؤكَّد سيجد عنده الصَّفح والغُفران والبداية الجّديدة.
•      والآن، كيف نُواجه التّحرّش الجنسي؟إنّ الإجابة منطقيّاَ إنّما تنطلق ممّا ذكرناه في مرحلة سابقة( الأسباب)، وتستند على القِيام بأفعالٍ مُضّادة ومُعاكِسة لما قُلناه فيها. وأُوجِز فأقول، ليقُم كلّ فرد بدوره وليتحمّل مسؤوليّته. ولنعمل كلُّنا معاً أفراداً وأُسَراً، جماعات ومُؤسّسات، على بذل كلِّ مجهودٍ لدينا. لنتكاتَف ونعمل معاً بنَفسِ وقلبِ رَجُلٍ واحدٍ على إغلاق هذه الهُوّة المفتوحة التي يُمكن أن تودي بنا جميعاً. ليلتزم الرِّجال ولتلتزم الفتيات والنّساء، ولتؤدّي وسائل الإعلام ودُور العبادة دورها لأجل تنقية الأجواء والتّخلُّص من مثل هذه الظّاهرة الفتّاكة!.
في النّهاية لأختم مقالتي، سأتوجّه بكلماتٍ بسيطة لفئاتٍ مُتنوِّعة،
إلى القائمين على وسائل الإعلام:
إنّ إثارة الغرائز وإِلهاب العواطف لمُجرّد تحقيق ربح مُعيَّن لَهُوَ أمرٌ له مردودُه السّلبي والخطير. وإن كان الله قد أَوكَلَكم على أمانة وعلى رسالة فاعِلة ومُؤثِّرة، فإنّني أرجوكم أن تتَّقوا الله فيما تُقدِّمونه عبر نوافذكم الإعلاميّة، حتّى يكون مفيداً وبنّاءً للفرد والمُجتمع على حدٍّ سواء.
عزيزتي الفتاة،
لاحظي مظهرك وسلوكك جيّداً حتّى لا تُعطي الفُرصة لأيِّ شابٍّ ضعيفٍ أن يَجِد فيك ما يُشجّعه على مُضايقتك. كوني طاهرة ونقيّة شكلاً ومضموناً. من الدّاخل بالقلب النّقيّ بمعرفة الله، ومن الخارج بالمَظهر المُناسِب.
عزيزي الشّاب،
لا تنساق وراء غرائزك ودَع قِيَمك وصِلَتك بالله تحفظك من أيِّ مُنزَلقٍ خَطِر. اعلَم أنّ أمراً كالتّحرُّش لن يُفيدك شيئاً، بل إنّ الضّرر من ورائه أمرٌ مُؤكّدٌ!. حكِّم ضميرك قبل كلِّ تصرّف واعلَم أنّ الله رقيبٌ ولا يترك الخطيّة دون عقاب. تعامَل مع هذه الأنثى كأنّها أمّك أو أختك أو زوجتك. تحاشى كلَّ مُثيراتٍ تُتعبك أو أصدقاء سوء يضرّونك، وتُبْ عمّا اقترفْتَه من خطايا والله غفورٌ رحيم.
عزيزتي الأُمّ، عزيزي الأب،
راقِبا مظهر أولادِكما وسلوكيّاتهم، ازرَعا فيهم خوف الله وتقواه، لأنّكما إن عَمِلتُما هذا فثوابكما كبير، لأنّكما تكونان قد أفدتُما نفسَيكما وأولادكما ومُجتمعكما.
عزيزي القارئ
أُرحّب دوماً بمُداخلاتك وتعليقاتك التي تُعتَبر بمثابة كَنزٍ لي، فأهلاً وسهلاً بك.

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

إرسال تعليق